recent
أخبار ساخنة

**"المرأة في المقصورة 10": تحليل نقدي لفيلم يلامس التشويق ولا يعيشه**

 

**"المرأة في المقصورة 10": تحليل نقدي لفيلم يلامس التشويق ولا يعيشه**

 

**مقدمة:**

في عالم السينماالمزدحم بالأعمال المثيرة، يبرز فيلم "المرأة في المقصورة 10" (The Woman in Cabin 10) كدراسة حالة لعمل يمتلك كل مقومات النجاح، لكنه يتعثر في ترجمة إمكانياته إلى تجربة سينمائية مؤثرة. مقتبسًا من رواية الإثارة الأكثر مبيعًا للكاتبة البريطانية روث وير والصادرة عام 2016، يقدم الفيلم رؤية بصرية أنيقة وقصة تبدو واعدة في جوهرها.

في عالم السينما المزدحم بالأعمال المثيرة، يبرز فيلم "المرأة في المقصورة 10" (The Woman in Cabin 10) كدراسة حالة لعمل يمتلك كل مقومات النجاح، لكنه يتعثر في ترجمة إمكانياته إلى تجربة سينمائية مؤثرة. مقتبسًا من رواية الإثارة الأكثر مبيعًا للكاتبة البريطانية روث وير والصادرة عام 2016، يقدم الفيلم رؤية بصرية أنيقة وقصة تبدو واعدة في جوهرها.
**"المرأة في المقصورة 10": تحليل نقدي لفيلم يلامس التشويق ولا يعيشه**


**"المرأة في المقصورة 10": تحليل نقدي لفيلم يلامس التشويق ولا يعيشه**

  •  ومع ذلك، فإن النقد الموجه إليه يضعنا أمام تساؤلات حول الفجوة بين التوقعات والواقع السينمائي
  •  خاصة في ظل ازدهار أفلام الإثارة النفسية التي تركز على "المرأة المضللة" (Gaslit Woman
  •  Thriller) في السنوات الأخيرة. هذا التحليل النقدي سيتعمق في تفاصيل الفيلم، مستعرضًا نقاط قوته
  •  وضعفه، وموضحًا لماذا، على الرغم من براعة كيرا نايتلي الإخراجية والأناقة البصرية، فشل الفيلم
  •  في الوصول إلى مستويات التشويق المرجوة.

**الجذر السردي إثارة المرأة المضللة**

شهدت السنوات الأخيرة، وخاصة مع صعود منصات البث العالمية مثل "نتفليكس"، رواجًا ملحوظًا لنوع محدد من أفلام الإثارة يمكن وصفه بـ"إثارة المرأة المضللة". تعتمد هذه الأعمال على قالب سردي متكرر ولكنه فعال: بطلة ذكية، غالبًا ما تكون هشة بعض الشيء، وتحمل جرحًا نفسيًا عميقًا أو تمر بتجربة قاسية.

  1.  تشهد هذه البطلة على جريمة أو حدث غامض، لكنها تجد نفسها عاجزة عن إثبات ما رأته بسبب نقص
  2.  الأدلة أو تشكيك من حولها. العالم، السلطة، المحيطون بها، وحتى أقرب الناس، يختارون التشكيك في
  3.  روايتها، تاركين إياها وحيدة في مواجهة الخطر.

 

أعمال مثل "الفتاة في القطار" (The Girl on the Train) و"المرأة في النافذة" (The Woman in the Window) رسخت هذا النمط الذي يستثمر في هشاشة البطلة وصراعها الداخلي والخارجي لإقناع الآخرين بصدق رؤيتها.

 "المرأة في المقصورة 10" يحاول السير على هذا الخط، متطلعًا إلى تحقيق توازن بين الإثارة النفسية الراقية والتشويق الشعبي الذي يجذب الجماهير. لكن النتيجة، كما يشير النقد، كانت فيلمًا أنيقًا من حيث الشكل، باهتًا من حيث المضمون، ويفشل في تحقيق الوعود التي يطلقها في بدايته.

 

**القصة والفرضية الواعدة**

تتبع أحداث الفيلم الصحافية الاستقصائية لورا "لو" بلاكلوك (تجسدها كيرا نايتلي)، التي تعيش صدمة نفسية عميقة بعد مقتل مصدر صحافي شاب كانت تعمل معه. هذه الصدمة تلقي بظلالها على حياتها، متمثلة في نوم متقطع، ردود فعل مذعورة، وإدمان على الكحول كوسيلة للهروب من الذكريات الأليمة. طلبًا للراحة، تطلب من محررتها إبعادها عن الملفات الثقيلة، فتُكلَّف بكتابة تقرير خفيف عن الرحلة الافتتاحية لليخت الفاخر "أورورا بورياليس". اليخت مملوك للبليونير ريتشارد بولمر (غاي بيرس) وزوجته آن (ليزا لوفن كونغسلي) التي تعاني من مرض عضال.

 

  • ما يبدو كفرصة للابتعاد عن الضجيج يتحول إلى كابوس في عرض البحر. في أولى ليالي الرحلة
  •  تستيقظ لو على أصوات مكتومة قادمة من المقصورة المجاورة. تسمع ارتطامًا وعراكًا، ثم صوت
  •  شيء يسقط في البحر. حين تسرع إلى الشرفة، تلمح جسدًا يغرق في المياه السوداء. لكن عندما تبلغ
  •  الطاقم، يخبرها الجميع أن المقصورة المجاورة خالية، وأن جميع الركاب على متن اليخت آمنون. هنا
  •  يتجلى الشرخ بين ما تراه لو وما يصدقه الآخرون، بين الإدراك والحقيقة، وهو جوهر التشويق في
  •  هذا النوع من الأفلام.

 

**مشكلة التنفيذ غياب التوتر البصري والحبكة المشدودة**

على الرغم من أن المشهد الافتتاحي يذكر بأعمال ألفريد هيتشكوك الكلاسيكية مثل "النافذة الخلفية" (Rear Window) و"الدوخة" (Vertigo)، إلا أنه يفتقر إلى التوتر البصري الذي ميزها. الكاميرا في "المرأة في المقصورة 10" هادئة بشكل مفرط، والصورة أنيقة ولكنها ساكنة، مما يوحي بأن المخرج اختار التركيز على المظهر الجمالي بدلاً من تصعيد التوتر النفسي.

 

يعتمد الفيلم على بناء عوالمه داخل اليخت من خلال مجموعة من الشخصيات الغامضة والمتنوعة: نجم روك (بول كاي)، تاجرة فنون متعبة وزوجها المتغطرس (هانا وادينغهام وديفيد موريسي)، مؤثرة في الإنترنت (كايا سكوديلاريو)، بليونير تكنولوجيا (كريستوفر ريغ)، وشاب لعوب (دانيال إنغز). يضاف إليهم صديق لو السابق، بن (ديفيد أغالا)، المصور الفوتوغرافي للرحلة، وريتشارد بولمر الذي يجسده غاي بيرس ببراعة. تذكر هذه التشكيلة بشخصيات روايات أغاثا كريستي، حيث لكل فرد ماضٍ غامض ودافع محتمل.

 

  1. لكن النقد يشير إلى أن الفيلم لا يمنح هذه الشخصيات ما يكفي من العمق أو التطور. معظم الأدوار تظل
  2.  في الخلفية، ودوافعها تظهر وتختفي من دون بناء درامي متماسك، كما لو أن جزءًا كبيرًا من
  3.  خطوطها قد اختصر في عملية المونتاج. حتى الغموض المرتبط بـ"المرأة المجهولة" التي رأتها لو
  4.  قبل الجريمة، يظهر متأخرًا وضعيف التأثير، لأن الجمهور يكون قد أدرك معظم التفاصيل مسبقًا، مما
  5.  يقوض عامل المفاجأة.

 

**رؤية المخرج الهدوء لا يخدم التشويق**

سايمون ستون، المخرج، ينتمي إلى جيل من المخرجين الأوروبيين الذين يفضلون الهدوء المشحون على الإثارة الصاخبة. قادمًا من المسرح إلى السينما، اشتهر بأعمال تركز على العمق النفسي للشخصيات أكثر من الحبكة الخارجية. في فيلمه السابق "الحفريات" (The Dig) عام 2021، قدم مأساة شخصية هادئة تدور في فضاء تاريخي، مستخدمًا الصمت والتفاصيل الصغيرة كلغة سردية كاملة.

 

  • يتجلى هذا الميل إلى الهدوء بوضوح في "المرأة في المقصورة 10". الكاميرا أنيقة لا تقتحم، والإيقاع
  •  منضبط لا يتصاعد، والمشهدية راقية لا تغامر. المشكلة تكمن في أن هذه المقاربة، التي تناسب دراما
  •  التأمل، لا تنجح بالضرورة في أفلام التشويق التي تتطلب نبضًا متسارعًا، وإحساسًا خانقًا بالخطر.
  •  ستون يقدم فيلمًا منمقًا، لكنه لا يضخ فيه الطاقة اللازمة لجعل الإثارة ملموسة. إنه مخرج يعرف كيف
  •  يصنع الجو، لكنه لا يعرف تمامًا كيف يشد الأعصاب، مما يقلل من قدرة الفيلم على إيصال الإحساس
  •  الحقيقي بالخطر أو الحصار.

 

**فخ الأناقة البصرية والحل السردي الضعيف**

يعتمد الفيلم بشكل كبير على جماليات الإخراج كوسيلة للتعويض عن ضعف الحبكة. تصميم السفينة مدهش: ممرات زجاجية، أسطح لامعة، سلالم حلزونية، وإحساس دائم بوجود مراقبة من خلف الزجاج.

  1.  الموسيقى التصويرية التي وضعها بنجامين وولفيش تضيف طبقة من التشويق الراقي، لكنها، مثل
  2.  الصورة، تظل عالقة في المستوى الشكلي. تصوير بن ديفيس يغرق في ألوان باهتة: رمادي مائل إلى
  3.  الأزرق، إضاءة خافتة، ومشاهد تفتقر إلى الطاقة. بدلاً من تعزيز الإحساس بالخطر، تبدو اللقطات
  4.  وكأنها تكبحه، فلا يتشكل شعور بالاختناق أو العزلة، ولا يصبح التوتر ملموسًا.

 

في الفصل الأخير، ينكشف اللغز: المرأة في المقصورة 10 ليست شبحًا أو وهمًا، بل هي "كاري"، امرأة استأجرها ريتشارد لتنتحل شخصية زوجته آن، التي كانت تنوي التبرع بثروتها للأعمال الخيرية. حين كُشِفَت المؤامرة، قتلها ريتشارد وألقى بجثتها في البحر. هذا الالتفاف السردي، الجريء على الورق، يبدو على الشاشة قسريًا وغير متناغم مع النبرة الهادئة التي سار عليها الفيلم في بدايته.

 

ذروة المواجهة التي تحدث في حفل بالنرويج، والتي تتضمن اختطافًا ومطاردات وضربة على الرأس، تبدو أقرب إلى ختام مسلسل بوليسي عادي منها إلى نهاية فيلم إثارة راقٍ. التوتر يتبخر، والحبكة تُطوى بسرعة، مما يترك المشاهد بإحساس من عدم الرضا.

 

**فكرة لم تكتمل صوت المرأة في مواجهة التشكيك**

في خلفية الفيلم، توجد رغبة واضحة في طرح فكرة تتعلق بالنساء اللاتي لا يصدقن عندما يروين الحقيقة. هذه الفكرة مركزية في رواية روث وير الأصلية، لكن معالجة سايمون ستون لها جاءت باهتة وسطحية. صدقية البطلة تسحق ثم تستعاد فجأة في مشهد واحد أقرب إلى الكاريكاتير. الرسالة التي كان يمكن أن تكون صرخة قوية ضد البنية الاجتماعية التي تشكك في صوت المرأة، اختزلت إلى صراع شخصي بسيط يفتقر إلى العمق المطلوب.

 

**أداء كيرا نايتلي نقطة الضوء الوحيدة**

السبب الحقيقي في بقاء الفيلم مثيرًا للاهتمام هو الأداء المميز لكيرا نايتلي. تنجح نايتلي في تجسيد البطلة الممزقة بين الخوف والإصرار ببراعة. بعينيها القلقتين وحركاتها المضطربة، تنقل إحساسًا عميقًا بانهيار الثقة بالنفس. هي التي تضيف إلى الفيلم التوتر النفسي الذي لم يصنعه الإخراج. غاي بيرس بدوره يقدم أداءً متقنًا في شخصية الرجل الجذاب والخطير في آن واحد، بينما يعاني بقية الطاقم من أدوار سطحية لم تمنح ما تستحقه من مساحة.

 

  1. على الرغم من أن الفرضية الأساسية للفيلم، وهي امرأة محاصرة على يخت مع قاتل وتحاول إثبات ما
  2.  رأته، تحمل كل مقومات فيلم إثارة ناجح، فإن العمل لا ينقل هذا الإحساس بفاعلية. يحافظ المخرج
  3.  على مسافة من البطلة، فلا تنغلق المساحات ولا يشتد الإحساس بالحصار. يظل اليخت مكانًا جميلًا، لا
  4.  مصيدة نفسية خانقة، مما يقلل من تأثير عنصر الرعب والعزلة.

 

**الخلاصة**

يملك فيلم "المرأة في المقصورة 10" كل العناصر اللازمة لفيلم إثارة مشوق: فرضية قوية، طاقم لامع، إنتاج بصري أنيق، وبطلة موهوبة. لكنه يفتقر إلى الجرأة الفنية اللازمة لتحويل هذه العناصر إلى تجربة مشحونة بالتوتر والإثارة الحقيقية.

 يظل الفيلم في منتصف الطريق بين الإثارة الراقية والتشويق الشعبي، فلا يحقق أيًا منهما بالكامل. في النهاية، يُعد "المرأة في المقصورة 10" فرصة ضائعة لتقديم عمل يترك أثرًا عميقًا في ذاكرة المشاهد، ويقف كشاهد على أن الأناقة البصرية وحدها لا تكفي لصنع فيلم تشويقي ناجح.

**"المرأة في المقصورة 10": تحليل نقدي لفيلم يلامس التشويق ولا يعيشه**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent